العنف ضد المرأة: أسبابه وتأثيراته وطرق القضاء عليه
![]() |
المرأ المعنفة |
2 ما هو العنف ضد المرأة؟
تتعرض النساء للعنف بسبب انتمائهن الجنسي، ويُعد هذا العنف تجسيدًا للفجوة في توزيع القوة بين الجنسين. فرغم أن للنساء والفتيات حقًا مشروعًا في حياة خالية من العنف باعتباره أحد حقوق الإنسان الأساسية، إلا أن الواقع يعكس صورة مغايرة تمامًا، حيث تتعرض النساء لهذا الانتهاك في مختلف أنحاء العالم.
العنف ضد المرأة يُعرف بأنه أي تصرف عنيف يُمارس ضدها بناءً على التمييز الجنسي، مما يتسبب في إلحاق الأذى بها سواء كان ذلك جسديًا أو نفسيًا أو جنسيًا.
ويشمل العنف تهديد المرأة، أو تقييد حريتها في الحياة العامة أو الخاصة، ويُعتبر انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان. هذا العنف لا يحرم المرأة من حقوقها فحسب، بل يُلقي بظلاله السلبية على الأسرة والمجتمع ككل، مسببًا آثارًا اجتماعية واقتصادية وصحية خطيرة.
والجدير بالذكر أن العنف ضد المرأة ليس مرتبطًا بثقافة أو تقليد أو طبقة اجتماعية معينة، بل هو ظاهرة عالمية تتطلب مواجهة شاملة.
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن النساء اللواتي يتعرضن للعنف من قبل شركائهن يكنّ أكثر عرضة لإنجاب أطفال منخفضي الوزن عند الولادة،
كما يواجهن خطرًا أعلى للإصابة بالاكتئاب والإجهاض المتعمد. بالإضافة إلى ذلك، تزداد احتمالية تعرضهن للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، مما يعكس التأثيرات الصحية الخطيرة للعنف ضد المرأة.
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن النساء اللواتي يتعرضن للعنف من قبل شركائهن يكنّ أكثر عرضة لإنجاب أطفال منخفضي الوزن عند الولادة، كما يواجهن خطرًا أعلى للإصابة بالاكتئاب والإجهاض المتعمد.
بالإضافة إلى ذلك، تزداد احتمالية تعرضهن للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، مما يعكس التأثيرات الصحية الخطيرة للعنف ضد المرأة.
![]() |
تعنيف المراة |
يُعتبر العنف الجسدي من أكثر أنواع العنف وضوحًا وتأثيرًا، ويتمثل في استخدام القوة البدنية ضد المرأة، سواء بواسطة الأيدي، الأرجل، أو أدوات أخرى تُسبب الأذى الجسدي. ويتخذ هذا النوع من العنف أشكالًا متعددة، مثل الضرب، أو الصفع، أو غيرها من الممارسات التي تُلحق الضرر بجسد المرأة وتُنتهك كرامتها.
العنف النفسي:
العنف النفسي يشمل كافة أشكال الإساءة والانتهاكات العاطفية التي تُمارس ضد شخص معين، بما في ذلك الاعتداء اللفظي مثل التهديد، والإهانة، والشتم، والترهيب، أو محاولة فرض السيطرة عليه.
يتجلى هذا النوع من العنف بعدة صور، منها الإذلال، التقليل من قيمة الشخص، توجيه اتهامات باطلة، التشهير، تجاهل الشخص عمدًا، أو نشر معلومات كاذبة للإضرار بسمعته.
وغالبًا ما يرتبط العنف النفسي بسلوكيات تعكس الغيرة الزائدة والرغبة في فرض السيطرة على الطرف الآخر.
عادةً ما يُمارس العنف النفسي من قِبل الزوج، الشريك السابق، أو أحد أفراد الأسرة، وغالبًا ما يكون خفيًا مما يجعله صعب الاكتشاف أو التعرف عليه من قبل الآخرين.
تشير الدراسات إلى أن حوالي نصف النساء في ألمانيا قد تعرضن لشكل من أشكال العنف النفسي من شركائهن الحاليين أو السابقين. وتزداد هذه النسبة بشكل ملحوظ بين النساء ذوات الإعاقة، حيث تصل إلى ما بين 70% و90%. كما يتعرض العديد من النساء للعنف النفسي في مراحل الطفولة أو المراهقة، مما يبرز مدى انتشار هذه المشكلة وتأثيرها العميق على حياة الأفراد.
العنف الجنسي:
![]() |
التحرش الجنسي |
وقد نص الفصل 3 من القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 على تعريف العنف الجنسي بأنه: "كل فعل أو قول يسعى من خلاله الجاني إلى إخضاع المرأة لرغباته أو لرغبات شخص آخر الجنسية، باستخدام وسائل مثل الإكراه، التغرير، الضغط، أو أي وسيلة تهدف إلى إضعاف إرادتها وسلبها، بغض النظر عن علاقة الجاني بالضحية."
يمثل هذا التعريف تطورًا قانونيًا ملحوظًا، حيث لم تتضمن القوانين السابقة، مثل المجلة الجزائية، أي تعريف محدد لمصطلح العنف الجنسي، مكتفية بوصفه بـ"الاعتداء بالفواحش". كما أن هذا التعريف يقر بأن العنف الجنسي لا يتأثر بطبيعة العلاقة بين الجاني والضحية، مما يعني تجريمه في جميع الحالات، بما في ذلك حالات الاغتصاب الزوجي، رغم عدم النص عليه صراحة في القوانين
السابقة.
العنف الاقتصادي:
يُعد العنف الاقتصادي من أقل أشكال العنف المبلغ عنها مقارنة بأنواع العنف الأخرى. وتشير الإحصائيات إلى أن 5.2٪ من النساء اللواتي لديهن شريك أفدن بتعرضهن لهذا النوع من العنف، في حين ترتفع هذه النسبة إلى 7.2٪ بين النساء العاملات، مما يشير إلى أن هذا العنف يستهدف بشكل خاص النساء المشاركات في سوق العمل.
وبحسب الفصل 3 من القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017، يُعرّف العنف الاقتصادي بأنه: "كل فعل أو امتناع عن فعل يؤدي إلى استغلال المرأة أو حرمانها من الموارد الاقتصادية بغض النظر عن مصدرها، مثل الحرمان من الأموال أو الأجور أو المداخيل، أو التحكم فيها، أو منع المرأة من العمل أو إجبارها عليه".
يمثل هذا التعريف خطوة هامة في تحديد ممارسات العنف الاقتصادي، حيث يُبرز الآثار السلبية التي يمكن أن تُلحقها هذه الأفعال بالمرأة واستقلالها الاقتصادي والاجتماعي
أهمية القضاء على العنف ضد المرأة:
يُعد العنف ضد المرأة والفتاة أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا واستمرارًا في عالمنا الحديث، وهو يُشكل أزمة عالمية تتفاقم بسبب الإفلات من العقاب، والصمت المجتمعي، والوصمة المرتبطة به.
يتجلى هذا العنف في عدة أشكال تشمل:
- عنف الشريك: مثل الضرب، والإساءة النفسية، والاغتصاب الزوجي، وجرائم قتل النساء.
- العنف والتحرش الجنسي: بما في ذلك الاغتصاب، والأفعال الجنسية القسرية، والتحرش الجنسي، والاعتداء الجنسي على الأطفال، والزواج القسري، والتحرش في الشوارع، والملاحقة، والمضايقة الإلكترونية.
- الاتجار بالبشر: كالعبودية والاستغلال الجنسي.
- زواج الأطفال.
ينتج عن العنف ضد المرأة آثار سلبية جسيمة تؤثر على صحتها النفسية والجنسية والإنجابية عبر مراحل حياتها المختلفة. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي انعدام التعليم المبكر الناتج عن العنف إلى إعاقة فرص الفتيات في التعليم العالي، مما يحد من فرصهن في سوق العمل.
في حين أن العنف القائم على النوع الاجتماعي يمكن أن يحدث لأي شخص وفي أي مكان، إلا أن بعض الفئات من النساء والفتيات يواجهن مخاطر متزايدة، مثل:
- الفتيات والنساء المسنات.
- النساء اللواتي يعرفن أنفسهن كمثليات، أو مزدوجات الميل الجنسي، أو مغايرات الهوية الجنسانية.
- المهاجرات واللاجئات.
- نساء الشعوب الأصلية والأقليات العرقية.
- النساء المصابات بفيروس نقص المناعة البشرية أو الإعاقات، أو المتأثرات بالأزمات الإنسانية.
استراتيجيات القضاء على العنف ضد المرأة
تلعب الدول دورًا محوريًا في الحد من العنف ضد المرأة من خلال تنفيذ الخطوات التالية:
- التصديق على الاتفاقيات الدولية: مثل اتفاقية "سيداو" المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة.
- فرض عقوبات صارمة: على مرتكبي العنف مع تقديم تعويضات مناسبة للنساء المتضررات.
- تطوير استراتيجيات شاملة: تتضمن سياسات وقوانين وإجراءات ثقافية وإدارية لحماية المرأة.
- زيادة المخصصات المالية: لدعم البرامج والمبادرات التي تهدف لمكافحة العنف.
- تعزيز التعليم والتوعية: لمعالجة الممارسات الثقافية والاجتماعية التي تسهم في استمرار العنف.
يمثل المجتمع حجر الزاوية في مكافحة العنف ضد المرأة من خلال:
- نشر التوعية المجتمعية: لتغيير المفاهيم المغلوطة التي تضر بالمرأة، لا سيما في المناطق الريفية.
- دعم النساء الناجيات: عبر الاستماع إلى تجاربهن وتقديم المساعدة اللازمة لهن.
- تمكين المرأة اقتصادياً: من خلال تدريبها على العمل ودعم استقلالها المالي.
- التوعية بمخاطر الزواج المبكر والقسري: وتوضيح تأثيره السلبي على حياة المرأة.
- الإبلاغ عن حالات العنف: وتشجيع الأفراد على اتخاذ موقف إيجابي ضد هذه الممارسات.
تُعد الأسرة ركيزة أساسية لتحقيق التغيير الإيجابي، ويمكنها القيام بما يلي:
- زيادة وعي أفراد الأسرة: بأهمية احترام حقوق المرأة والقضاء على العنف.
- تقاسم المسؤوليات المنزلية: بالتساوي بين الزوجين لتعزيز الشراكة العادلة.
- بناء ثقافة الاحترام المتبادل: بين أفراد الأسرة لضمان بيئة صحية.
يلعب التعليم دورًا جوهريًا في مكافحة العنف، وذلك من خلال:
- توفير بيئة تعليمية آمنة: تشجع جميع الطلبة على التعلم دون تمييز.
- تحدي المفاهيم الثقافية السلبية: التي تعيق حصول الفتيات على حقهن في التعليم.
- تعزيز القيم الإنسانية: التي تدعم المساواة والاحترام بين الجنسين.
يمكن لبيئة العمل أن تكون حليفًا قويًا في مواجهة العنف ضد المرأة من خلال:
- تنفيذ برامج توعوية: تستهدف تعزيز السلوكيات الإيجابية في بيئة العمل.
- إنشاء آليات للإبلاغ الآمن: عن أي انتهاكات أو ممارسات عنف.
- تضمين قضايا العنف في اللوائح التأديبية: لضمان التعامل الجاد مع الحالات المبلغ عنها.
ساهمت منظمة الصحة العالمية في مكافحة العنف ضد المرأة عبر:
- إجراء البحوث وجمع البيانات: لتوضيح حجم المشكلة وآثارها على النساء.
- تطوير استراتيجيات وطنية: لمساعدة الحكومات على التصدي للعنف.
- تعزيز دور القطاع الصحي: في توفير الدعم والرعاية اللازمة للمتضررات.
القضاء على العنف ضد المرأة ضرورة لتحقيق المساواة والتنمية. فالعنف يترك آثارًا جسدية ونفسية سلبية على النساء، كما يؤثر على استقرار العائلات ويثقل كاهل الاقتصاد الوطني بسبب النفقات الصحية والقانونية الناجمة عنه.
الوقاية كحل مستدام
الوقاية هي الحل الأفضل لإنهاء العنف ضد المرأة، ويتم ذلك عبر:
- تحقيق المساواة بين الجنسين.
- تعزيز احترام الحقوق الإنسانية للمرأة.
- تمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا.
- تثقيف المجتمع حول القضية باستخدام وسائل الإعلام الحديثة.
إشراك الرجال في القضاء على العنف ضد المرأة أمر أساسي ويشمل:
- الامتناع عن ممارسته: والوقوف ضد أي مظهر للعنف.
- التدخل الإيجابي: عند ملاحظة أي شكل من أشكال العنف.
- تغيير المفاهيم الثقافية: التي تعزز التمييز أو تبرر العنف ضد المرأة.
يعد القضاء على العنف ضد المرأة ضرورة لبناء مجتمعات أكثر عدلاً واستقرارًا. هذه الجهود تحتاج إلى تكاتف من الحكومات والمجتمعات والأفراد لتحقيق تغيير حقيقي ومستدام.
شارك رأيك حول كيفية القضاء على العنف ضد المرأة أو تعرف على مزيد من المعلومات حول حقوق المرأة
المراجع:
https://www.ohchr.org/sites/default/files/Documents/Issues/Women/WRGS/SexualH
https://www.un.org/ar/observances/ending-violence-against-women
https://www.frauen-gegen-gewalt.de/ar/alynf-u-alaytda-alnfsi.html
https://www.frauen-gegen-gewalt.de/ar/alynf-dd-alnsa.html
https://wrcati.cawtar.org/index.php?topic=99&a=i
https://ar.wikipedia.org
https://mawdoo3.com